💥ظوابط و قواعد الجهاد لمن زعم أنه يبدء بالإعتداء

10:29 ص

🌴بسم الله الرحمان االرحيم 🌴

🔴الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه

أما بعـد:                                                                       💥ظوابط و قواعد الجهاد لمن زعم أنه يبدء بالإعتداء 

   🔴وسطية الإسلام في القواعد الشرعية للجهاد

1⃣وفيه ثلاثة فروع :
- الفرع الأول : تطبيق مبدأ العدل في قتال الكفار .
- الفرع الثاني : الوسطية في المبادئ العامة لكيفية القتال .
- الفرع الثالث: من الوسطية مراعاة المصالح والمفاسد .
الفرع الأول
2⃣تطبيق مبدأ العدل في قتال الكفار

-إن الدين الإسلامي الذي ارتضاه الله - عز وجل - لهذه الأمة ، وبعث به محمد - صلى الله عليه وسلم - دين وفاء ، وعدل ، وصدق .
قال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  [المائدة: 8] .
دين الإسلام كما يأمر بالأخلاق الفاضلة ، والآداب العادلة ، فإنه يحارب الغدر ، والخيانة ، والجور ، والكذب ، ومن أعظم الغدر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .
إن للدماء في الإسلام حرمة عظيمة ، وحصانة منيعة تظهر من خلال النصوص القرآنية ، والأحاديث النبوية ، والمقاصد الشرعية ، وإجماع الأئمة ، وليس لأحد أن يجازف بدينه ، ويسفك الدم الذي حرمه الله إلا بالحق .
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 228)
قال تعالى :  وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا  [الفرقان: 68] .
فالإسلام جاء لحفظ الضرورات الخمس وهي (الدين - النفس - العقل - العرض - المال) ، ورتب حدودًا صارمة في حق من يعتدي على هذه الضرورات ، سواء كانت هذه الضرورات للمسلمين والكفار من (معاهدين ، أو مستأمنين ، أو ذميين) ، فالإسلام كفل لهؤلاء الأنواع من الكفار الأمن على دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، ومن اعتدى عليهم فقد خان الإسلام ، واستحق العقوبة الرادعة .
والعدل واجب مع المسلمين ومع الكفار ، حتى لو لم يكونوا معاهدين ، أو مستأمنين ، أو أهل ذمة  قال تعالى :  وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا  [المائدة: 2] .
والعدل يعد السمة البارزة التي تنص عليها نصوص القرآن ، والسنة النبوية الصحيحة في كل العلاقات الإنسانية ، فالعدل حق للأعداء ، كما هو حق للأولياء ، ولا يصح أن تحمل العداوة بين المسلمين على ظلمهم بل العدل مع الأعداء أقرب للتقوى 
وهذا دليل على وسطية وعدالة هذا الدين القويم الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 229)
وحينما ندرك أهمية خاصية الوسطية في الإسلام فلا نفهم أن الوسطية انسلاخ من دين الله ، فالوسطية اعتدال :  وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ  [الأنعام: 153] .
فاتخاذ مبدأ العدل لا يعني ذلك أن نلغي الجهاد في سبيل الله :  فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ  [البقرة: 191] .
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 230)
3⃣الفرع الثاني
الوسطية في المبادئ العامة لكيفية القتال

-الإسلام دين وفاء ، وما جاء لقتل الناس ، وإنما جاء لدعوة الناس إلى الخير ، وأما القتال فهو علاج يستعمل عند الحاجة ، لكن الأصل الدعوة إلى الله - عز وجل - بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن ، ثم إن قتال المسلمين للكفار يشتمل على أحكام عظيمة وهذا من وسطية هذا الدين القويم ، والتي تدل على أن الإسلام دين العدل والرحمة حتى مع الكفار ،  .                                                .                                                  .   .    .    4⃣ومن المبادئ العامة لكيفية القتال ما يلي :
-1- عدم الاعتداء والنهي عن قتل النساء والأطفال والشيوخ :
فلا يجوز الاعتداء على الكفار بغير حق ، ولا بد ألا يقاتل الكفار والمشركين قبل دعوتهم إلى الإسلام ، قال ابن قدامة في المغني : ( ومن لم تبلغه الدعوة يدعى قبل القتال ، ولا يجوز قتالهم قبل الدعاء) 
كما أن قتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم في القتال داخل في الاعتداء المنهي عنه ، قال تعالى :  وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ  [البقرة: 190] .
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : (أي : قاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا في ذلك ، ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي من المثلة ، والغلول ، وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم ،
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 231)
والرهبان)                                           .  .   6⃣الدعوة إلى الإسلام قبل القتال :
عن بريدة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه ، وبمن معه من المسلمين خيرًا ، وقال له :   إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال ، أو خلال فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ادعهم إلى الإسلام فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم                                  .          7⃣حرمة قتل المدنيين من غير أهل المقاتلة والممانعة :
لقد وضع الإسلام دستورًا حربيًا عظيمًا راعى فيه الحرمات ألا تنتهك ، وأمر فيه بالعدل والقسط ، ولو نظر أعداء هذا الدين لهذا الدستور الحربي الإسلامي ، لعلموا أن هذا الدين لم يضعه بشر .
ولذلك نجد أن الإسلام حرم قتل الكفار من المعاهدين ؛ لأن لهم ذمة الله ، وذمة المسلمين ، فمن قتلهم فقد خان وغدر بذمة الله وذمة المسلمين ، والمعاهد يشمل الذمي الذي يدفع الجزية ، ويشمل المستأمن الذي يدخل بلاد المسلمين بأمان منهم ، وكذلك يشمل الذين بيننا وبينهم عهد ولو كانوا في بلادهم ، إذا تعاهد المسلمون مع الكفار ، فإنه يجب على المسلمين الوفاء
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 232)
مع الكفار سواء كانوا في بلاد المسلمين أو في بلاد الكفار .
فالوفاء بالعهد واجب ، قال تعالى :  وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا [الإسراء: 34] .
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 233)
8⃣الفرع الثالث
مراعاة المصالح والمفاسد

المستقرئ للشريعة الإسلامية في مصادرها ومواردها الدالة على مقاصدها يتبين له بجلاء أن الشريعة مبناها على رعاية المصالح وحفظ نظام الأمة ، وهذا دليل على وسطية وعدل الإسلام ، والأمر بالصلاح والنهي عن الفساد ورد كثيرًا في القرآن والسنة ، قال تعالى :  وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا  [الأعراف: 85] ، فإذا تعارضت المصالح والمفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فهو المطلوب ، وإن لم يمكن تحصيل المصلحة إلا بارتكاب شيء من المفاسد ، فينظر في هذه الحالة إلى الراجح والغالب منها.
فالجهاد في الإسلام يجب أن يحقق المصلحة المستهدفة من الجهاد هي مصلحة إظهار الدين ، وكف بأس الكافرين ، والدفاع عن المستضعفين .
قال تعالى :  فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا  [النساء: 84] .
فإذا غلب الظن أن الجهاد لن يحقق المصلحة التي شرع من أجلها كان هذا مانعًا من موانع القتال .
فمن المعلوم أن الجهاد لم يشرع لذاته ، وليس مطلوبًا لما فيه من إراقة دماء وإزهاق أرواح وقتل أنفس ، بل هو مشروع لغيره ، ولتحقيق مصلحة أو مصالح مشروعة من نصرة الدين ، وإزالة الفتنة .
( الجزء رقم : 97، الصفحة رقم: 234)
ويقول ابن دقيق العيد : (الأصل عدم إتلاف الأنفس ولو كافرة مفسدة وإنما أبيح للمصلحة) .
إذًا .. فتقدير المصالح والترجيح بينها في مسائل الجهاد وعملياته لا بد أن يصدر عن أهل الخبرة والدراية والمعرفة سياسيًا وعسكريًا .
فالإمام والقائد وذوو الخبرة في جبهات القتال ومراكزه هم الأولى في تقدير أبعاد الأعمال القتالية ، من حيث مصالحها ومفاسدها .

🔻سماحة المفتي عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ حفظه الله 

 (فتاوى اللجنة الدائمة)                                                 .                                                  ..   .   .            ✍🏽إقتناه أخوكم في الله  ابو ريان محمد أعراب الجزائري  الراجي من الله الغفران والشفاء مع الرحمة لوالديه

مواضيع ذات صلة

التالي
« السابق
السابق
التالي »