التفجيرات والاغتيالات ليست من وسائل الإصلاح الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله

12:19 م

التفجيرات والاغتيالات ليست من وسائل الإصلاح 

الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله



الإسلام من أعظم مزاياه: الوفاء بالعهود والوفاء بالوعد ولو للكفار. ومن خصال المؤمنين: عدم الخيانة وعدم الغدر. قد حصلت قصة للمغيرة بن شعبة, أن رافق جماعة من المشركين وكان ذلك في حال شركهم وسافروا إلى الشام أو مصر في تجارة, وحصلوا على مال فباتوا ليلة فهجم عليهم فقتلهم وأخذ مالهم, وجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم مسلماً وقدم له المال وأخبره بالقصة, فقال صلى الله عليه وسلم: أما الإسلام فقد قبلناه, أما المال فإنه مال غدر لا حاجة لنا فيه. {أبو داود وصححه الألباني رحمه الله} لأنه نشأ عن غدر, فالإسلام لا يبيح الغدر بحال من الأحوال.
والموقف آخر: كان هناك عهد بين الروم والمسلمين, ولمّا أشرف على النهاية تحرك معاوية رضي الله عنه بجيشه يقول: إذا انتهى الوقت المحدد نهجم على العدو, فركب شيخ على فرسه وكان يصيح الله أكبر وفاء لا غدر, الله أكبر وفاء لا غدر, فسأله معاوية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدةً ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء.” {مسند أحمد وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة} فتوقف معاوية رضي الله عنه.
فالغدر والخيانة لا تجوز مع الكفار ومع غيرهم, والتخريب والتدمير على هذا الوجه لا يجوز لأنه يُقتل فيها النساء والأطفال والأبرياء ولا ينكأ عدواً. وقد يفرح بها العدو لتشويه صورة الإسلام وأهله, ويستغله إعلاميّاً ضد الإسلام فيعطون للإسلام صورة أسود من صورة الأديان الفاسدة وهذا ما يثمره تصرفات هؤلاء على الإسلام والمسلمين.
فعلى المسلمين أن يكونوا مضرب المثل في الصدق والأخلاق العالية والوفاء والأمانة والبعد عما يناقض هذه الصفات من الغدر والخيانة والكذب والهواية في سفك الدماء التي لا تنفع الإسلام بل تضره.
الإسلان فيه جهاد شريف وجهاد نظيف يُعلن على القوم غير المسلمين وقبل ذلك تُعلِن الدعوة إلى الإسلام وتبيين لهم وتشرح لهم, فإن هداهم الله ودخلوا في الإسلام فهذا هو المطلوب, كما قال صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. {البخاري}
فإن استجابوا فهذا هو المطلوب لأن القصد من إرسال الرسل: هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور. والقصد بالجهاد: إعلاء كلمة الله وهداية الناس وإخراجهم من حظيرة الكفر إلى حظيرة الإسلام وهذا أمر عظيم. فإذا اهتدت أمة على يد شخص أو جماعة فكم ينالوا من الأجر؟ وكم يعلوا عند الله -تبارك وتعالى-: “يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ.” {المجادلة:11}
ويرفع الله المجاهدين درجات: “فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً.” {النساء:95} . ولكن الجهاد الشريف لا جهاد الغدر والخيانة والخسِّة والدناءة فإن هذا لا يعود على الإسلام إلا بالضرر والشر.
المصدر : الفتاوى المهمة في تبصير الأمة: ص.91-93

مواضيع ذات صلة

التالي
« السابق
السابق
التالي »