الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، وبعد:
أ ـ استنكر عبد العزيز البرعي في خطبة الجمعة الأخيرة – 13 / شهر الله المحرم / 1438 هـ - ما حصل في صالة العزاء في صنعاء، ووصفه بأنه منكر عظيم،
وقال: "قد ابتلى الله المسلمين بهذه الحرب الطحون، فلتكن حربًا شريفة، يقتصر الخدن على خدنه، والخصوم على خصمه".
ب ـ وصدرت من محمد الإمام في خطبة الجمعة – في اليوم نفسه – خطبة حول "الغدر".
1 ـ أما صالة العزاء في صنعاء، فربما كان فيها مدنيون أبرياء لا علاقة لهم بالحرب، لكن شيء غريب من البرعي أن يستنكر ذلك، بينما لم نسمعه يستنكر حالات أخرى مشابهة، بل القتلى فيها أنزه من القتلى في صالة عزاء صنعاء، ومنها رمي موضع العزاء الذي أقيم في الضالع، حيث رماه القائد العسكري ضبعان بالمدفعية، ظلمًا وعدوانًا وذهب ضحيته قرابة ثلاثين آدميًا من المدنيين الذين لا علاقة لهم بالحرب، ولم نسمع للبرعي ولا لمحمد الإمام كلمة واحدة، فإن كان دافع استنكارهم لحادث صالة العزاء في صنعاء هو دماء الأبرياء كما يزعم، فهؤلاء الذين قتلوا في عزاء الضالع أبرياء كذلك.
2 ـ ومما ينبغي أن يعرف أن صالة العزاء في صنعاء ضمّت قادة المؤتمر المتحالفين مع الحوثيين، ومنهم عبد القادر هلال الذي كان له عظيم الأثر في إعانة الحوثيين، ولاسيّما في تهجير طلاب العلم من دمّاج، وقبض الثمن - غاليًا - من هذا التهجير، وبعض القتلى – في صالة العزاء - على شاكلته، وفيها مدنيون أبرياء لا علاقة لهم بالحرب.
3 ـ ثم أين عبد العزيز البرعي من دماء الأبرياء التي سفكت في إب وفي تعز وفي عدن وفي لودر وفي شبوة وفي غيرها من المناطق اليمنية ؟!
فكم حوربت من القبائل ؟، وكم ذهب من الرجال ؟ وكم دمّرت من بيوت ؟، وكم شرّدت من الأسر ؟ وكم سالت من الدماء ؟ وكم حدثت من الجرائم ؟، ولم يتكلم البرعي بهذا الوضوح إلا في حادثة صالة العزاء التي ذهب فيها بعض المتحالفين مع الحوثي.
4 ـ عندما ضُرب الرئيس السابق في جامع النهدين – ولم يرض العقلاء بتلك الجريمة – أصدر البرعي شيئًا مكتوبًا، ذكر فيه أن هذه الجريمة عظيمة لأمور منها أنها حدثت في الشهر الحرام، ومنها أنها في حق الرئيس، ومنها أنه في حق رجل كبير، ومنها أنها في المسجد، وذكر شيئًا آخر، لكن الغريب أنه صمت بعدها دهرًا، لم نسمع له فيه كلمة واحدة، سكت فيها عن جرائم أشنع منها، ارتكبها الحوثي وحلفاؤه في حق أبرياء معصومين، وكانت في الأشهر الحرم، وكانت في حق صغار وكبار، وكانت في حق مساجد، ومراكز علمية. [1]
5 ـ أين أنت يا عبد العزيز البرعي من الأبرياء الذين دمر الحوثي بيوتهم من المدنيين في جنوب المملكة العربية السعودية في نجران وغيرها، ممن يرميهم الحوثي بالأسلحة الثقيلة ليلًا ونهارًا ؟!
أين أنت من الجريمة العظيمة التي حصلت مع بعض النازحين، عندما خرجوا من جهة الموانئ في التواهي، ذاهبين بالقوارب إلى جهة البريقة، فضربهم الحوثة النازيون وهم في البحر، فغرق جماعة من النساء والأطفال والكبار، ولم تظهر جثث بعضهم إلا في اليوم التالي من جهة أخرى من ساحل التواهي.
وأين أنت من رمي أحد البيوت في دار سعد بالكاتيوشا في أيام العيد، فذهب في ذلك اليوم كثير من أفراد ذلك البيت ؟!
لماذا لم نسمع منك كلمة واحدة ؟! أليس هؤلاء أبرياء أيضًا ؟!
6 ـ الحرب الدائرة اليوم هي بين الرافضة وحلفائهم – أتباع إيران – وبين أهل السنة، لكنّ عبد العزيز البرعي يجعل أطراف الحرب مسلمين بدون تفصيل، حيث قال: "قد ابتلى الله المسلمين بهذه الحرب الطحون".
7 ـ وأما قول البرعي: "لتكن حربًا شريفة، يقتصر فيها الخدن على خدنه، والخصم على خصمه".
فهذا ضابط عجيب للحرب الشريفة جاء به عبد العزيز البرعي، حيث ضبط الحرب الشريفة بأنها ما اقتصر فيها الخصم على خصمه دون غيره، وهذا في حدّ ذاته لا يعطيها الشرعية لأنها قد تكون خصومة في باطل.
ونحن نسأله: "أرأيت لو قاتل الخصم خصمه في الحرب بنوع من الباطل"، أهذا يضفي عليها الشرف – فضلًا عن الشرعية – لأنه اقتصر على خصمه دون غيره ؟! أليس في كثير من الخصومة نوع من الباطل، إن لم يكن فيها كثير من الباطل ؟!، فكيف يسمى القتال بمجرد الخصومة شرف ؟!
فليس في الشرع حرب شريفة إلا ما كانت موافقة للشرع الكريم، وأعظمها ما كانت لإعلاء كلمة الله تعالى.
كتبه:
أبو عمار علي الحذيفي
[1] ثم بعد هذا يخرج علينا بعض المرتزقة، فيقول: "أتريد منه أن يتكلم وهو بين الحوثيين ؟!".
أقول: فقولوا للبرعي: "اسكت يا برعي وأرح واسترح". أما أن تغضب لدماء، دون دماء فهذا لا ينبغي.