اسمه ونسبه ونشأته:
هو العالم المجاهد السلفي المغربي والعلامة اللغوي الشيخ الدكتور محمد تقي الدين بن عبدالقادر الهلالي، وكنيته "أبو شكيب"، حيث سمى أول ولد له على اسم صديقه الأمير شكيب أرسلان.
ولد الهلالي في قرية "الفرخ" من بادية سجلماسة في المغرب عام 1311هـ، التي هاجر إليها أجداده من "القيروان" في تونس في القرن التاسع الهجري.
وكانت أسرته أسرة علم، حيث كان والده وجده من العلماء الفقهاء المعروفين.
طلبه للعلم:
- قرأ على والده، وحفظ القرآن الكريم وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
- سافر إلى الجزائر لطلب الرزق عام 1333هـ.
- قصد الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي وبقي يتعلم في مدرسته سبع سنين، ثم توفي شيخه الشنقيطي عام 1338هـ، وكان من أفضل العلماء في الزهد والتقوى ومكارم الأخلاق.
- في عام 1340هـ عاد الهلالي إلى المغرب حيث حضر بعض الدروس على العلماء في مدينة "فاس".
- كما حصل على شهادة من جامع القرويين.
شيوخه:
من شيوخه الذين تلقى العلم على أيديهم:
- الشيخ الفاطمي الشراوي.
- الشيخ محمد العربي العلوي.
- الشيخ أحمد سوكيرج.
- بالإضافة لعلماء القيرويين.
أعماله:
- سافر الهلالي إلى القاهرة حيث التقى بالشيخ محمد رشيد رضا (صاحب مجلة المنار)، كما التقى ببعض العلماء السلفيين، أمثال: الشيخ محمد الرمالي، والشيخ عبدالعزيز الخولي، والشيخ عبدالظاهر أبو السمح، والشيخ محمد عبدالرزاق، والشيخ محمد أبو زيد، وغيرهم من العلماء بمصر، كما حضر دروس القسم العالي بالأزهر.
- ومن مصر توجه إلى الحج، ثم إلى الهند، حيث اجتمع بعلماء أهل الحديث وأخذ العلم عن الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري، وهو أفضل علماء الهند في ذلك الزمان.
- ومن الهند توجه إلى "الزبير" في العراق، حيث التقى بالعالِم الموريتاني الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (وليس صاحب أضواء البيان) مؤسس مدرسة النجاة الأهلية بالزبير، وتزوج ابنته.
- ومن الزبير سافر إلى مصر، ثم إلى المملكة العربية السعودية، حيث أعطاه السيد محمد رشيد رضا توصية وتعريفًا إلى الملك عبدالعزيز آل سعود قال فيها:
(إن محمد تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه).
- أقام الشيخ الهلالي في ضيافة الملك عبدالعزيز آل سعود بضعة أشهر، ثم عُين مراقبًا للتدريس في المسجد النبوي.
- وبعد سنتين نقل إلى المسجد الحرام والمعهد السعودي بمكة المكرمة لمدة سنة.
- ثم جاءته رسائل من إندونيسيا ومن الهند، وكلها تطلبه للتدريس في مدارسها، فاستجاب لدعوة السيد سليمان الندوي بالهند، وصار رئيس أساتذة الأدب العربي في كلية ندوة العلماء في مدينة لكنهو بالهند، حيث بقي ثلاث سنوات تعلم فيها الإنجليزية.
- وأصدر باقتراح من الشيخ سليمان الندوي وبمساعدة تلميذه الطالب مسعود عالم الندوي مجلة "الضياء".
- ثم عاد إلى الزبير حيث عمل مدرسًا بمدرسة النجاة الأهلية التي أسسها الشيخ الشنقيطي والد زوجته.
وبعد ثلاث سنوات سافر إلى مدينة جنيف في سويسرا، ونزل عند الأمير شكيب أرسلان الذي كتب له توصية إلى أحد أصدقائه في وزارة الخارجية الألمانية في برلين قال فيها:
(عندي شاب مغربي أديب ما دخل ألمانيا مثله، وهو يريد أن يدرِّس في إحدى الجامعات، فعسى أن تجدوا له مكانًا لتدريس الأدب العربي براتب يستعين به على الدراسة).
وسرعان ما جاء الجواب بالقبول، حيث سافر الهلالي إلى ألمانيا، وعُين محاضرًا في جامعة "بون" وشرع يتعلم اللغة الألمانية، حيث حصل على دبلومها بعد عام، ثم صار طالبًا بالجامعة مع كونه محاضرًا فيها، وفي تلك الفترة ترجم الكثير من الألمانية وإليها.
- وبعد ثلاث سنوات في بون انتقل إلى جامعة برلين طالبًا ومحاضرًا ومشرفًا على الإذاعة العربية 1939م.
- وفي 1940م قدَّم رسالة الدكتوراه، حيث فنَّد فيها مزاعم المستشرقين أمثال: مارتن هارثمن، وكارل بروكلمان، وكان موضوع رسالة الدكتوراه "ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها"، وكان مجلس الامتحان والمناقشة من عشرة من العلماء، وقد وافقوا بالإجماع على منحه شهادة الدكتوراه.
- وفي أثناء الحرب العالمية الثانية سافر إلى المغرب بتكليف من سماحة الحاج محمد أمين الحسيني في مهمة سياسية، حيث زوّده السفير المغربي عبدالخالق الطريسي بجواز سفر على أنه من أهالي "تطوان" التي تقع تحت الحماية الإسبانية حيث أقام خمس سنوات.
- وفي 1947م سافر الشيخ الهلالي إلى العراق، حيث قام بالتدريس في كلية الملكية عالية ببغداد وبقي إلى 1958م حيث قام الانقلاب العسكري في العراق، فغادرها عام 1959م إلى المغرب حيث عمل أستاذًا في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس.
- وفي 1968م تلقى دعوة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة للعمل أستاذًا بالجامعة منتدبًا من المغرب وبقي يعمل إلى 1974م حيث ترك الجامعة وتفرغ للدعوة بالمغرب.
- وكانت له مجلة "لسان الدين" التي كان يصدرها بالتعاون مع الشيخ عبدالله كنون كبير علماء المغرب، وقد سُمِّيت المجلة بهذا الاسم تيمنًا باسم لسان الدين بن الخطيب الأندلسي.
- والشيخ الهلالي كان من المواظبين على الكتابة في مجلة (الفتح) للعلامة السلفي لمحب الدين الخطيب، ومجلة (المنار) للشيخ محمد رشيد رضا.
- وكان له محاضرات ودروسًا وندوات وأحاديث ومقالات وبحوث كثيرة يصعب حصرها، لأنها في موضوعات عدة، وبلدان متفرقة، وأزمان مختلفة.
وحين سأل الأستاذُ المجذوب الشيخَ الهلالي عن أحب العلوم إليه أجاب:
(أحبها إليَّ علوم الحديث وعلوم القرآن، لأني أحب اتباع الكتاب والسنة، وأكره مخالفتهما، ثم علم النحو وسائر علوم الأدب، ثم علم اللغات).
وقد أثنى على الشيخ الهلالي جمع كبير من علماء السلفية على رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ربيع بن هادي المدخلي وغيرهما.
وقد وصفه الشيخ ربيع المدخلي بأنه مجدد الديار المغربية بلا منازع في شريط سمعي مسجل في معرض رده على محمد بن عبد الرحمن المغراوي الذي ادعى أنه هو مَن نشر السلفية في المغرب!
مؤلفاته:
للشيخ الهلالي مؤلفات كثيرة ما بين صغير وكبير، ومن أهمها:
1- الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري (المجلد الأول فقط).
2- الإسفار عن الحق في مسألة السفور والحجاب.
3- القاضي العدل في حكم البناء على القبور.
4- العلم المأثور والعلم المشهور واللواء المنشور في بدع القبور.
5- آل البيت ما لهم وما عليهم.
6- حاشية على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب.
7- مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل.
8- حاشية على كشف الشبهات لمحمد بن عبدالوهاب.
9- أهل الحديث.
10- الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق.
11- دواء الشاكين وقامع المشككين في الرد على الملحدين.
12- البراهين الإنجيلية على أن عيسى داخل في العبودية وبريء من الألوهية.
13- فكاك الأسير العاني المكبول بالكبل التيجاني.
14- سب القاديانيين للإسلام والرد عليهم.
15- الرجعية والتقدم.
16- فضل الكبير المتعالي (ديوان شعر محمد تقي الدين الهلالي).
و غيرها كثير جدًّا.
أهله وأولاده:
إن الشيخ الهلالي علم من أعلام الإسلام، ومجاهد من المجاهدين العظام، كانت له آثار في كل مكان زاره أو استقر فيه، وله من الطلاب والمحبين آلاف مؤلفة في أنحاء العالم الإسلامي.
ولقد تزوج حين كان في ألمانيا بمسلمة ألمانية وله منها ولد، كما تزوج في المغرب من مغربية وله منها أولاد، بالإضافة لزوجته الأولى أم شكيب التي لها منه ولد وبنت.
وفاته:
توفي الشيخ تقي الدين الهلالي بعد عمر طويل قارب القرن في منزله بالدار البيضاء بالمغرب يوم الإثنين 25 شوال 1407هـ الموافق 22 /06/ 1987م .
وشيع جنازته جمع غفير من الناس يتقدمهم عدد كبير من العلماء والأفاضل.
فرحم الله الشيخ وأسكنه الفردوس الأعلى.
المصدر : دار الكتاب و السنة المصرية